فستان من تصميم لطيفة أولاح مزينا بعملات جميع دول العالم

الشمس تشرق دائما... دعوة الى التسامح والسلام.. فستان من تصميم لطيفة أولاح مزينا بعملات جميع دول العالم
الجمعة 15 آب 2008
ابراهيم حاج عبدي
لطيفة أولاح هي فنانة مغربية تعشق الرسم وتصميم الأزياء، وهي تعمل في هذا المجال لا كمحترفة بل من باب الهواية التي جعلتها تنجز أعمالا فنية لا تخضع لمنطق السوق والتجارة .
بل تترجم بصدق وعفوية عما يجول في وجدانها، وهي في فنها لا تكتفي بالجوانب الفنية الجمالية بل تسعى دائما إلى تحميل العمل مضامين فكرية ومعرفية، بل وسياسية أيضا، ذلك أنها زوجة القنصل المغربي بدمشق، ولا تستطيع أن تنأى بنفسها عن السياسة، وعما يحدث في المنطقة من حروب ومعارك يذهب ضحيتها الأبرياء. ‏
قامت أولاح، مؤخرا، بتصميم فستان مزين بجميع العملات العالمية باستثناء العملة الإسرائيلية، فهي لا تعترف بدولة تحمل اسم إسرائيل، ورغم أن الفستان يحمل قيمة فنية وجمالية مدهشة، لكن رفض اولاح لاستخدام العملة العبرية في عملية تزيين الفستان يعبر عن موقف سياسي محتج ضد السياسات الإسرائيلية الظالمة بحق الشعب الفلسطيني، فهي تريد القول بان الجمال والظلم لا يمكن لهما أن يجتمعان.

‏
تقول أولاح «أنا اعشق اللعب بالألوان وبالقماش، وقد قرأت، مؤخرا، أن ثمة مسابقة لتصميم الأزياء شريطة أن يكون التصميم مبتكرا، وينطوي على بعد فكري، فانتظرت فترة طويلة إلى أن عثرت على موضوع مناسب، وحين أخبرت المنظمين بأنني في صدد تصميم فستان بالعملات العالمية ابدوا استغرابهم، وقالوا أن تنفيذ هذه الفكرة صعبة للغاية. لكنني واظبت العمل، ورحت اتصل مع زوجات السفراء العرب والأجانب المعتمدين لدى دمشق، وطلبت منهن قطعا معدنية لعملات بلادهن، وقد لبين الطلب، فجمعت العملات كلها، ووجدت أنها مختلفة في الشكل: دائرية، رباعية، سداسية... وكذلك هي مصنوعة من معادن مختلفة: البرونز، الفضة، النحاس...ولها ألوان وأحجام متباينة...أثناء انهماكي في تصميم الفستان لنحو شهرين راعيت أن انسق العملات في شكل منتظم، بحيث لا تبدو العملات وكأنها قد صفت صفا، ودون حس جمالي. ‏
وقد فاز هذا الفستان بالجائزة الأولى في المسابقة التي نظمها معهد المأمون، واشرف عليها فنانون تشكيليون بارزون، وشاركت فيها عدة دول مثل الكويت، السعودية، لبنان.. إضافة إلى سورية، فانا لم اكتفِ بالتركيز على الفكرة العميقة التي يحملها الفستان، بل اهتممت أيضا بالجوانب الجمالية، وهو فستان ملون قمت بتزيينه بالنجوم والكواكب، ورسمت عليه حمامات السلام، ووضعت فيه رموزا لأبراج الحظ، وصنعت للفستان طاقية تعبر عن الفلكلور العربي، ووضعت فيها العملة المغربية لان المغرب هي بلدي، وفي اليد اليسرى وضعت العملة السورية، وهي بمثابة الشكر للبلد الذي قضيت فيه سنوات ممتعة، وفي أسفل الفستان ثمة صورة للكرة الأرضية مع سنبلة قمح ترمز للخصب والعطاء، وسميت الفستان «الشمس تشرق دائما»، والواقع أن مشاركتي لم تكن بقصد الحصول على الجائزة، بل كان الهدف هو معرفة قيمة ما أقوم به لدى لجنة التحكيم، وفوجئت بأن الفستان قد فاز بالجائزة. ‏
وتوضح اولاح بأن الهدف من وراء مثل هذا الفستان هو الدعوة إلى التعايش والسلام، والتسامح، فكل عملة ترمز إلى دولة محددة، ووضع هذه العملات بشكل مجاور في فستان واحد يعبر عن تلك الدعوة، فانا عشت في بيروت عدة سنوات ورأيت بشاعة الحروب ومآسيها، وشاهدت بأم عيني عملية «عناقيد الغضب» التي نفذها الجيش الإسرائيلي ضد اللبنانيين الأبرياء، ومن هنا صار هاجسي الدعوة إلى السلام، ومن هنا أيضا عشقت صوت الفنان الكبير مارسيل خليفة، ذلك الصوت المفعم بالحب والشجن، والرومانسية. ‏
وتتابع اولاح «لست مسؤولة سياسية، ولا اشغل أي منصب سياسي، لكن ما يجري في المنطقة يدفع بالفرد العادي إلى الاهتمام بالسياسة، والتعبير جهارا عن موقفه، فكيف لي أن اصمت وأنا أرى أن إسرائيل تعتقل، وتقتل كل عربي يدافع عن وجوده، وحقوقه، وهويته». ‏
وتطالب اولاح المرأة العربية بان تقوم بدورها على أكمل وجه، وان تتحرر من التقاليد البالية، وان تنطلق إلى العمل، والعلم وتبذل الجهد كي تثبت ذاتها، وتحقق حضورها الفعال في المجتمع، مضيفة بان على الرجل أن يقدم التسهيلات للمرأة كي تقوم بدورها المناسب، وتوجهت اولاح بالشكر إلى زوجها القنصل الذي ساعدها ووقف إلى جانبها لدى قيامها بانجاز الفستان، كما توجهت بالشكر إلى السفراء العرب والأجانب المقيمين في دمشق الذين وفروا لها العملات المعدنية المطلوبة، ولم تنسَ أن تتوجه بالشكر الجزيل إلى سورية، والى السوريين الذين وفروا له الفرص كي تتعرف إلى بلد جميل، أصبح الآن بلدها الثاني. ‏
جريدة تشرين...